
السوشيال ميديا تقارب رقمي أم ضياع نفسي؟
بقلم؛ سماح إبراهيم عبد العزيز
اخصائي صحة نفسية واستشاري اسري ونفسي
لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرد أدوات للترفيه، بل أصبحت قوة تشكّل سلوك الأفراد وتعيد رسم ملامح المجتمعات. من فيسبوك إلى تيك توك، غيّرت طريقة تواصلنا، ونظرتنا لذواتنا، وحتى فهمنا للواقع.
الصور النمطية والمقارنات المستمرة على “إنستغرام” و”سناب شات” تولّد شعورًا بالنقص وتؤثر على احترام الذات.
كما غيّرت هذه الوسائل شكل الحوار الأسري؛ فبدلاً من النقاش المباشر، أصبحت المشاعر تُنقل عبر رموز ورسائل مختصرة.
هوية رقمية أم ضياع ثقافي؟
مع الانفتاح الكبير، يبرز سؤال الهوية: هل ما نراه على هذه المنصات يمثلنا؟ أم أننا نذوب في ثقافات أخرى ونفقد خصوصيتنا؟
السؤال الأهم: كيف نستخدم السوشيال ميديا لخدمة هويتنا لا محوها؟
الجواب يكمن في التوجيه الواعي، والمحتوى المناسب، والرقابة الذكية، والحوار المفتوح، وأوقات الاستخدام المحددة.
رغم أنها صُمّمت لتقربنا، إلا أن كثيرين يشعرون بالوحدة بعدها. فما الذي يحدث خلف الشاشة؟ ولماذا تُصبح مصدر ضغط نفسي؟
من أبرز التأثيرات النفسية: المقارنة المستمرة. عند مشاهدة الحياة “المثالية” للآخرين، نقارن أنفسنا دون وعي، ما يسبّب شعورًا بالنقص أو الفشل، رغم أن الواقع قد يكون جيدًا.
يُضاف إلى ذلك قلق الفومو (FOMO)، أو الخوف من أن يفوتنا شيء، والذي يعزّز القلق والتوتر، خاصة لدى المراهقين.
أما الإدمان الرقمي، فهو نتاج ترابط الدماغ مع إشعارات الإعجاب والمشاركة، ما يدفع المستخدم لتكرار التصفح رغم التعب أو الملل.
لم تسلم الطفولة أيضًا، فاقتحمت السوشيال ميديا عالم الأطفال مبكرًا، وشوّهت مفاهيم الجمال والنجاح والقيم. من تحديات التيك توك إلى المقاطع المقلّدة، يتعرّض الطفل لمحتوى غير مناسب.
السوشيال ميديا تقارب رقمي أم ضياع نفسي؟
في النهاية، السوشيال ميديا ليست شرًا مطلقًا، لكنها تحتاج لوعي نفسي وفترات راحة رقمية. فالصحة النفسية لا تحتاج فقط إلى علاج، بل إلى وقاية تبدأ بزر “إيقاف التشغيل” عند الحاجة، واستغلال الإيجابيات ومواجهة السلبيات.